شهدت المرأة خلال السنوات الأخيرة نقلة نوعية في صراع مباشر مع المجتمع الليبي لكي تتحصل على ما هو مشروع لها في الحياة اليومية بحكم أنها كائن حي وحامل للجنسية الليبي. حيث لا يقتصر دورها على رعاية الأطفال والواجبات المنزلية والأدوار الثانوية التي يضعها المجتمع بشروط وضوابط تقييد من حرية المرأة وتقمع حقوقها التي يتمتع بها الرجل شريكها في كوكب الأرض. ففي السنوات الأخيرة أصبحت المرأة تتمتع ببعض الحريات والحقوق التي ناضلت لكسبها منذ عام 2011 ولا تزال تناضل من أجلها. فعلى سبيل المثال ‘‘قيادة المركبة”، لم يكن للمرأة الليبية وجود في مركبتها إلا قليلاً على الطرق الرئيسية والفرعية خوفاً من نظرة المجتمع وتصنيفها تصنيفات غير أخلاقية والتحجج بأنها لا تعرف القيادة، عدا التحرش بها داخل مركبتها وربما تضييق الخناق عليها لتصل إلى حادث مروري على الطريق بسبب الأخوة مما لديهم من جفاف العاطفي وهذا ما شهدته الفترة الأخيرة في صفحات الفيسبوك، عدا وصفها بوصف "مسعودة الراجل" أي أنها تتصرف مثل الراجل بحسب المجتمع المحافظ المنصف للمرأة الذي لا يخطئ بتاتاً.
تكثّف وجود المرأة في المجتمع المدني وإدارة الحوارات وورش العمل على مستوي إقليمي ودولي ومشاركتها مع المنظمات والبعثات الدولية التي ساعدت في إرجاع الحياة في بعض المناطق في ليبيا، وخصوصاً منطقة الجنوب المهمش. ولاحظنا تقلّدها مناصب قيادية في الدولة التي كان من النادر أن نرى نساء فيها، وتمثيلها في الخارج وتحصلها على عدة جوائز، وحضورها في أكثر من محفل دولي مشرّف.
لم تتوقف المرأة الليبية عن الإنجازات بعد، فأصبحت لديها مشاريع خاصة ومصدر دخل مستقل كصناعة الحلويات والمعجنات والمأكولات الشعبية وإدارة الأعمال وافتتاح علامات تجارية. وهذا ما جعل الكثير من الليبيات يتمتعن بعمل إضافي ودخل ثاني سواء داخل الأراضي الليبية أو خارجها برفقة الجالية هناك في الخارج.
انخرطت المرأة الليبية أيضاً في مجال الإعلام وأصبحت المرأة اليوم في ليبيا ومن ليبيا هي الناقل والناقد للخبر الصحفي في وسائل الإعلام الليبية كمذيعة ومراسلة ومحررة ومديرة غرفة الأخبار ورئيسة التحرير ومؤسسة لقناة تلفزيونية.
في السابق كان وجود المرأة معنوياً وفردياً ولا يعتمد عليه بشكل كبير. يعود ذلك لأسباب لا منطقية وعقد دفينة منها: أنها بطيئة التعلم وقشرة رأسها غليظة، ولا تصلح للعمل، ولا يعتمد عليها وفرض أنها أقل مكانة وذات طابع ثانوي جداً في مجال الإعلام.
أما اليوم نشاهد مذيعات ليبيات في قنوات دولية وعربية متمكّنات من اللغة والحوار وذوات شخصيات بارزة بين زميلاتهن وهن الآن يتمتعن بكامل حقوقهن الإنسانية التي توازي الراجل في الخارج، فهل سنرى ذلك في الداخل أيضاً؟
هذا العام شهد العالم انتشار كبير لفيروس كوفيد19 حيث كانت المرأة الليبية جاهزة بالعديد من المبادرات للوقاية من الفيروس، كصناعة الكحول والكمامات، وأيضاً المشاركة في توعية التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة والمنصات الإعلامية وفي صفحاتهن الشخصية وأيضاً أثناء تجمع النساء في المناسبات الخاصة، وفعليا كان هناك تجاوب معهن من قبل كبار السن والنساء الشابات وأيضاً بقية المجتمع.
لا يخفى عليكم كمية العنف والإهانة والتحريض والقتل التي تعرضت لها المرأة الليبية في الحياة لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم. لا تخفى أيضاً القوانين التي وضعها المجتمع والذي بدوره الأخير ضرب بكل المعاهدات والمواثيق الدولية والدينية عرض الحائط في وقت المرأة الليبية لا تطلب إلا القليل من الحقوق وبعض القوانين التي تكفل بها حياتها في المجتمع المحافظ. ففي الواقع إن الدستور الملكي 1951 يمنح المرأة حقوقها كاملة مع الرجل في المادة الحادية عشر:
"الليبيون لدى القانون سواء، وهم متساوين في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفي تكافؤ الفرص، وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين أو المذهب أو العنصر أو اللغة أو النسب أو الآراء السياسية والاجتماعية".
فهل سنرى مواد جديدة في الدستور القادم تنصف المرأة قانونياً وإنسانياً؟
لأن حقيقة المرأة الليبية كأي امرأة في العالم امرأة خارقة وتستطيع أن توفق بين المنزل ومه ام العمل حيث هناك العديد من التجارب والقدرات الناجحة. ولنطبق مقولة المرأة نصف المجتمع والرجل هو النصف الثاني ليكون المجتمع الليبي أكثر عملية كبقية المجتمعات التي توزع المهام على أساس الكفاءات وليس بالجنس!