"الشيء الجميل في الفترة هذه وبفترة الحرب أيضاً إن بعض المتطوعين كانوا يسجلوا في الكتب وهم تحت الضرب في الحرب الأخيرة، فمعظم التسجيلات كان صوت الانفجارات واضح جداً فيها، لدرجة إن بعض التسجيلات اضطرينا إعادتهم ومع ذلك الشيء هذا مكانش عائق..."
ظهرت العديد من المشاريع الشبابية والرائدة في مجال الأعمال في ليبيا، منها مشاريع صغرى بسيطة لم تتجاوز الشبكة العنكبوتية، ولكنها قدّمت خدمة اجتماعية رائدة ومهمة.
أحد هذه المشاريع هو مشروع اسمعني والذي أطلقه مجموعة من الشباب الليبي المتطوّع والذي يهدف لمساعدة المكفوفين في مسيرتهم الدراسة ويقوم بتحويل مناهج المكفوفي ن الورقة إلى محتوى صوتي أو تحويلها من ورقي إلى الكتروني ليتم قراءتها بلغة برايل الخاصة بالمكفوفين، وهذه بحسب رغبة الكفيف إما صوتي أو مقروء. كما يعمل المشروع على تسجيل الكتب العامة غير المختصة في مجال الدراسة وفق طلبات الكفيف لمساعدته في أي وقت.
تحدثنا أكثر المسؤولة الإعلامية في مشروع اسمعني المتطوعة آلاء صادق حيث يقوم الكفيف بالتواصل معنا عبر وسائل تواصلنا الرسمية من ثم تقوم إدارة المروع بالإعلان عن المهمة واستقبال المتطوعين حيث يتم تسليم وتقسيم المنهج على المتطوعين ثم بعد عملية التسليم يتم عملية التدقيق من قبل فريق المراجعة ومن ثم إرساله للكفيف.
وعن فكرة المشروع وكيف بدأت تقول السيدة آلاء أن البداية كانت منذ ديسمبر من عام 2016 ومستوحاة من مشروع "مطر" في دولة الأردن والذي يعمل على نفس الفكرة، ومن هنا جاءت الفكرة ليكون لدينا في ليبيا مشروع مُشابه ومستقبل وبالفعل تم التواصل معهم ورحبوا بنا وانطلاقنا في مشروعنا على بركة الله.
مشروع اسمعني خلال 5 سنوات (2016 – 2021)
مشروع اسمعني قدم المساعدة لجمعية النور للمكفوفين وقام بتسجيل مناهج للمكفوفين وتوفير متطوعين لمساعدة المكفوفين ممن عندهم امتحانات في الكتابة وقمنا أيضاً بتسجيل مناهج المرحلة الابتدائية بالتعاون مع جمعية النور للمكفوفين وتخزينهم في اسطوانات (CD) وتم وضعهم ضمن أرشيف المؤسسة كما قمنا بتسجيل مناهج في تخصصات مختلفة بطلب خاص من المكفوفين.
كما قمنا بتسجيل مناهج الشهادة الإعدادية والثانوية للمكفوفين عن طريق تحويلها لمحتوى صوتي، قمنا أيضاً بعمل ورشة تدريبية مصغرة على الإلقاء الصوتي كانت تهدف لتحسين الأداء الصوتي للمتطوعين المختارين لتسجيل مناهج الاعدادية والثانوية.
مشروع اسمعني خلال فترة كورونا
كان لمشروع اسمعني دور فعّال وبارز في فترة الحجر الصحي التي حلّت على العالم بسبب وباء كورونا حيث تقول السيدة آلاء أن خلال فترة الحجر الصحي قمنا بتسجيل سبعة كتب، والشيء الجميل في الفترة هذه وبفترة الحرب أيضاً إن بعض المتطوعين كانوا يسجلوا في الكتب وهم تحت الضرب في الحرب الأخيرة، فمعظم التسجيلات كان صوت الانفجارات واضح جداً فيها، لدرجة إن بعض التسجيلات اضطرينا إعادتهم ومع ذلك الشيء هذا مكانش عائق، بل كان دافع للمقاومة ولتقديم المساعدة قدر الإمكان. عندنا أيضاً قناة على برنامج التيلجرام بها كل المناهج اللي قمنا بتسجيلها، وطباعتها وهي بمثابة مرجع لنا وللمكفوفين.
مشروع اسمعني...طموحات وآمال مستقبلية
تتحدث السيدة آلاء وتقول: "مانبوش نخلو المشروع مقتصر فقط على المناهج الدراسية بل نهدفوا مستقبلاً إلى عدة مشاريع تساعد الكفيف في مختلف أمور حياته...لأننا نؤمنوا أن الكفيف مش إنسان ناقص، بل هو إنسان طبيعي زي البقية فقط يصنف ويعتبر من الفئات الخاصة اللي محتاجة احتياجات ووسائل تختلف عن الوسائل المستخدمة من غير المكفوفين باش يقدروا يتابعوا حياتهم بالشكل الطبيعي والصحيح، والشيء هذا اللي مش فاهمينه المجتمع اليوم لقلة وعيهم بهذه القضية. لذلك قاعدين نشوفوا ناس في سنة ال2020 تنظر للكفيف على أنه شخص ناقص، بالوقت اللي فيه واقع الحال يقول أن هلبا مكفوفين احسن وأكثر نجاح وتفوق من المُبصرين في مختلف الجوانب الحياتية من دراسة وعمل وغيرها، فالشيء هذا يدل على أن البصيرة هي ليست بصيرة العين بل بصيرة القلب، فالكفيف مش ناقص أبداً، بل هوإنسان طبيعي زي البقية محتاج فقط المجتمع والناس يؤمنوا بيهم ويوفرولهم احتياجاتهم، لأن حالياً صاير إهمال كبير ليهم من الدولة والمجتمع والجهات المختصة، وهذا اللي يساهم في منعهم من حقوقهم اللي يتساوى فيها مع غيرهم من المبصرين، واللي من المفترض تكون متوفرة بصفتها حقوق وواجب على الدولة والمجتمع توفيرها من باب الواجب لا من باب الفضل."
"لذلك في صفحة مشروع اسمعني نكتبوا في منشورات من وقت للثاني لتوعية الناس حول المكفوفين وتوضيح الصورة الحقيقية ليهم واللي عكس اعتقادات المجتمع عليهم لأن المجتمع قاعدة ماشية فيه أفكار مغلوطة حيالهم توارثوها من أجيال سابقة وعادات وتقاليد وما إلى ذلك و نهدفو أيضاً إلى عمل مناظرات مستقبلية مثلاً تتناول قضايا مهمة للمكفوفين، وتصوير فيديوهات للتوعية باحتياجاتهم لأن الناس لازم يفرقوا بين البصر والبصيرة، فكم من كفيف بصيرته بقلبه سليمة، وكم من مُبصر بصيرته النقيض لذلك الايمان الأول لمشروع اسمعني وشعاره هو "الكفيف يمكنه أن يقرأ أيضاً" بل وحتى يقرأ ويتفوق وينجح في دراسته وعمله وحياته بمختلف جوانبها، بس هو محتاج أنك تكون عيناً له، لذلك لنكن عيناً لهم."