الرابط العجيب والغير مفهوم بين المقالب الترفيهية والترهيب
مر علينا رمضان آخر، وموسم جديد لعروض مقالب ا لكاميرا الخفية التي تدّعي بتسلية المشاهد واضحاكه. في السنوات العشر الماضية، ومنذ الربيع العربي، كانت عروض مقالب الكاميرا الخفية المرعبة عنصرًا أساسيًا في كل عام. ورأينا نحن الليبيين نصيبنا أيضًا من هذا النوع من البرامج المصنفة كعروض ترفيهية. شاهدنا مقالب خطف وتهديد بطرق مشابها لداعش في برنامج "أشرف رعايش"، و معارك العصابات التي تنتهي بإطلاق النار الفعلي، وأخيراً النسخة الأكثر تطورًا في هذه السنوات "واصف علمدار". هذه البرامج تجعلني أتساءل متى أصبح القلق والرعب مصدرًا للترفيه والضحك، ألا يجب أن تستفزنا هذه الأشياء في ضوء الواقع التي نعيشه؟
في الموسم الرمضاني هذه السنة استضاف واصف بعضاً من أشهر مشاهير ليبيا وخدعهم بزعم اختطافهم واحتجزهم في غرفة استجواب. الاحتمال والخوف من وقوع مثل هذه الحادثة في بلد يعاني من اضطراب سياسي امر متوقع ومار على مخيلة معظم الليبيين، وبالأخص لو كان أحد المشاهير أو الشخصيات العامة... فاحتجاز الناس من أجل الفدية أو الاعتقال التعسف ليس بعيدًا عن واقعنا.
راودني مقطع من حلقة "واصف علمدار" التي اختطفت فيها فاطمة الطيب، حيث توضح حالة الخوف والهستيريا التي كانت عليها والتي في الواقع بعيدة كل البعد عن كونها محتوى مضحك ومسلي بل وقد كانت مؤلمة ومؤسفة، عاكسة عن تدني حس الأخلاق في وسائل الإعلام اليوم برأيي الشخصي. لا يقتصر الأمر على أن العرض والمفهوم لا مبالي للمشاهير أنفسهم فحسب، بل له أيضًا تأثير ضار للتعريف عن الثقافة الشعبية وتمثيل للمجتمع. وبطريقة ما، تعزز هذه العروض وأمثالها ثقافة العداء والخروج عن القانون وانعكاسها السلبي على ليبيا والشعب الليبي.
إن ظهور الإرهاب في البرامج الترفيهية، وبالأخص برامج الكاميرا الخفية يغذي تهديدات الإرهاب ويشوه تصور الجمهور للخوف. لزلت احلم برؤية بعض المسؤولية الاجتماعية عند بث العنف وتحديدا الإرهاب. ولكن في الوقت الحالي، اقل ما يمكن فعله هو اضافة تحذير قبل بداية الحلقة انه غير مناسب للأطفال وأولئك الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.