ثقافة
16.09.24

الفن كمدخل للسلام

كبداية للحكاية لنسأل .. ماهو الفن ؟

تعاريف الفن كالفن تماما بحر لا يمكن حده بحدود صريحة وواضحة.

أسباب تعدد تعاريف الفن كثيرة لا يتسع الوقت لذكرها جميعها ولكن لنقل أن من أهمها هو عدم خضوع الفن لأحكام معينة صلبة وثابتة , ولكن يمكن أن نحاول تعريفه بتعريف ذي صلة بما سنتحدث عنه في هذه المساحة , الفن هو توظيف المرء لخياله.

و اصطلاحا , يقول العرب قديما ( فننت الشيء ) أي زينته ومن هذا المنطلق نستطيع القول أن الفن هو المرادف الصريح للجمال.

أنواع الفن .. 

في احد تعاريف الفن يقال انه مجموعة من الأنشطة البشرية تجتمع للتعبير عن الأفكار. 

هذه الأنشطة كل منها يندرج تحت نوع معين من الفن  وأحيانا يتم تصنيف الفن حسب الهدف المرجو من ورائه. 

 و هنا سنتناول الفن الاجتماعي , يعرف على أنه محاولة توظيف الفن لتناول وحل معضلات اجتماعية. 

رغم العديد من الاعتراضات على هذا النوع من من يتبنون إيمان بان الفن لا يجب أن يحمل على عاتقه وظيفة إصلاحية للمجتمع ولكن إن نظرنا إلى التأثير الضخم الذي يتركه الفن قد يصل هذا التأثير إلى تشكيل أراء ومشاعر معينة لشرائح كاملة من المجتمع , هذه السلطة ألا تضع على عاتق الفن بعض المسؤولية للمشاركة في التحسين من حالة المجتمعات التي نشأ بها ؟؟. 

 

ماذا وراء هذه الفنون؟ 

 

أو بطريقة أفضل إلى  ماذا تهدف الفنون ؟ لماذا نمارس الفنون؟  

ربما أول ما يتبادر للذهن هو نمارسها للتعبير , نعم هذا هدفها الأول هو ليعبر المرء عن ذاته بأجمل الطرق الممكنة. 

يتعرف الإنسان في أحيان كثيرة على نفسه من خلال الفن , يتعلم بناء علاقة عميقة معها عندما يتعلم كيف يعبر عنها بشكل واضح  

يعرف نفسه ويعبر عنها ليراه الآخرون ويتواصلون معها ومن هنا تبدأ علاقته مع الآخر , المجتمع. 

إذا الفن جسر للتواصل مع الذات والآخر وجمع الأشتات أو من يظنون أنهم ِأشتات. 

وعلى نطاقات أوسع المجتمع إجمالا, يوفر الفن المعرفة التاريخية والتذكير بما قد تتناساه الذاكرة الفردية والجمعية , بالإضافة الى النمو الاقتصادي بالتأكيد وطرح مبسط للقضايا المجتمعية وربما اقتراح حلول لها حتى. 

  

هنا نأتي للجزئية التي من أجلها أكتب : علاقة الفن بالسلام  

 

عند سماع لحن شجي أو عند قراءة بيت يطربك  

هذه أشياء غالبا تستدعي شيئا جميلا فالنفس كان خبيئا بفعل زحام كل هذه المشاعر المشحونة بالكراهية التي تغذينا بها في كل السنوات الفائتة . 

 

في عام 2017 نشرت FRONTIERS OF HUMAN NEUROSCIENCE عدة دراسات تشير إلى أن للفن قيمة اجتماعية بالإضافة إلى تأثيره على الحالة المزاجية فان الفن عزز أيضا المعرفة الاجتماعية وفهم أفضل للذات وساعد في تطوير شعور التعاطف فالشخص ويسمح له بالنظر للأمور من منظور جديد وغالبا أكثر هدوء وهذه هي الصفات التي نحتاجها لصنع السلام. 

يسمح لنا الفن إذا بالتعرف على أنفسنا بشكل أفضل و إعطاء الآخر الفرصة لنتعرف عليه بشكل جديد لنمد أو نجدد الجسور المتضررة من تجارب سابقة مع الآخر لم تترك أثر جيد علينا وعليه وعلى ما يربطنا. 

 

للفن أيضا تأثير علاجي أثبتت صحته عبر العديد من التجارب , يمكننا التعبير عن الألم الذي حدث عبر الفن إن صعب علينا التعبير بالكلام . 

سيساعد الفن في رحلة تعافينا مما حدث والبناء من جديد. 

  

وهناك أيضا دراسات أجريت أثبت أن المعارض التي تعرض أثار الحروب لها تأثير كبير في جعل الناس من السلام أولوية حتى يتجنبون إعادة صناعة ما يرونه في هذه المعارض وتعتبر هذه من أقوى الطرق لتعزيز الشعور بالحاجة الملحة للسلام. 

 

ختاما .. 

الفن ليس مجرد نوتات أو اصطدام ريشة مليئة بالألوان على الألواح أو مشهد تمثيلي , هو مزيج معقد من المشاعر والأفكار متداخلة مع وجداننا وحياتنا من أبسط إلى أعقد جوانبها. 

يساعدنا كمجتمعات كاملة على التعرف و بناء علاقتنا مع أنفسنا وتقريب المسافات التي ظننا أنها لن تزيد إلا بعدا. 

 

- هبة الزوي 

مقالات ذات صلة