تمتاز أنماط الأغنية الليبية بكمية هائلة من التنوع والخصوصية، ويعزى هذا التنوع في غالبه إلى تنوع الآلات الموسيقية المستخدمة وتنوع الأعراق والاثنيات والثقافات لسكان البلد الواحد وامتزاجها مع بعضها البعض، حيث مثّل المرسكاوي امتزاجاً نموذجيا بين الثقافات العربية والأمازيغية والأفريقية.
ومع مرور الزمن بدأت الأغنية الليبية تتأثر بتطور الفن المغاربي الذي تأثر بدوره بالموسيقى الغربية خصوصا موسيقى الراب المعروفة، حيث اكتسحت أغنية الراب الساحة الفنية في فترة الألفنية الثانية بين ٢٠٠٥ إلى اليوم.
ولكن الأغنية الليبية الشعبية ظلت على حالها حتى الآن وظلت موجودة في المحافل والمناسبات الاجتماعية والدينية أيضاً، حيث ارتبطت الأغنية الشعبية بزوايا الطرق الصّوفية كالطريقة العيساوية والعروسية. وقد استعملت الزوايا الغناء التقليدي والآلات الموسيقية التقليدية كالبندير(الدف) لنشر وتوصيل تعاليمها بين عامة الناس وجعلها مُشاعة و متداولة.
وبالرغم من تنوع الآلات المستخدمة وتطورها إلا أن أغنية كأغنية المرسكاوي ظلت تتمتع بنمط واحد من الألحان تقريباً مما يشكل عيباً تطوريا في بنية الأغنية الليبية ينبيء باندثارها، أو بفقدانها لجمهورها الغفير في أحسن تقدير، خصوصاً مع ارتفاع شعبية الأغاني المغاربية والموسيقى الغربية وتدنّي مستوى الجيل الصاعد من الفنانين المحليين.
وقد برع الكثيرون في الأغنية المرسكاوية في فترات سابقة وكان أشهرهم على الإطلاق الفنان إبراهيم الصافي الذي اعتزل الغناء في وقت مبكر نسبياً والفنان احميدة أبو نقطة الذي وافته المنية هذا العام والفنانة خديجة الفونشه الملقبة بوردة الليبية.
ويجادل البعض أن المرسكاوي هو فن ذو أصول أندلسية شأنه شأن موسيقى المالوف الطرابلسية إلا أن بعض البُحاث يُرجعون أصل أغنية المرسكاوي إلى الثقافة الفزانية وتحديدا إلى عاصمة إقليم فزان التاريخية مدينة مرزق، ويرى أصحاب هذا الرأي أن لفظ مرسكاوي هو تحريف بسيط لكلمة مرزقاوي، وفي المقابل يبالغ البعض في نسب المرسكاوي إلى الثقافة الأندلسية الإسبانية متخيلا وجود قرينة من نوع ما بينه وبين موسيقى التانغو المعروفة حيث يمثل التصفيق حدثاً رئيسيا لهذين النمطين الغنائيين.
ومع تضارب الآراء حول أصول أغنية المرسكاوي يتم حالياً عرض رأيٍ آخر يتم فيه اعتبار المرسكاوي نمطا غنائيا مختلفاً عن الأغاني الشعبية المتوارثة، التي تمثل في نظر البعض " الشتاوة وغناوة العلم والكشك والفكرة والزمزامات فقط " على اعتبار أن المرسكاوي نمط تطوري لموسيقى أخرى لا يُعرف بالضبط من أين جاءت.
فهل الأغنية المرسكاوية ذات أصول جنوبية فزانية وذات طابع أفريقي أم هي موسيقى أندلسية الأصل..لا أحد يجزم !