في جلسة مغلقة جلس فيها حكماء كرة القدم متحدثين عن ماهية اللعبة وأي الجوانب هي المهمة ويتكئُ عليها الجميع من أجل الاستمرارية وعدم السقوط بطريقةٍ عادية، بعد ان تحاوروا جميعًا وصلوا إلى استنتاجٍ لم يُعجب المتابع الذي يُشاهد كرة القدم على أنها لعبة عاديةً مشاهدتها من أجل المتعة وفقط، لكن الحقيقة أنها أكبر من ذلك فهي تُبنى على اساسات واضحة المعالم وجوانب مدروسة ومُخطط لهَا وهنا الحديث عن الجانب الذهني فهو مثلهُ مثل الجانب البدني لا فرق بينهما سوى في التجهيز أو بالأحرى كيفية وضع اللاعبين في مرحلة الاستعداد لعيش تجربة جديدة للاستمرار في العطاء في كرة القدم.
خسر الفريق إذًا- يبدوا أنهم فقدوا المخزون البدني! الاجوبة الساخنة التي مررها الاعلام في عقول المشاهدين هي من أسوأ الأجوبة التي ممكن ان يستمع إليها شخص يعيش ليبحث في اللعبة، ألم يخسر ذلك الفريق المباراة من أجل المشاكل البدنية؟ بالطبع هناك من يخسر لكن الحكم المطلقُ على هذا الأمر يكون بتحليل حالات اللاعبين في الملع ب عاطفيًا وجسديًا ومن هذا نستنتج أي الجوانب فقدها الفريق ولماذا خسر اللعبة في نهايتها.
قبل عام من الآن أتهم مارسيلو بيلسا على أنه يجعل من فريقه ليدز يونايتد يخسر في نهاية الموسم بسبب المشاكل البدنية، لكنهُ خرج في مؤتمر صحفي كان يريد توضيح الفكرة للناس أن الامور البدنية ليست مقياسًا للذمِّ ي حالة الخسارة واستحسانًا في حالة الفوز، خرج ليجعل من الناس يُفكرون بطريقة صحيحة لا يُجرون بآلات الاعلام خلف الفشل والأوهام.
"غرام واحد فقط من أنسجة خلايا المخ، يزنُ أكثر من 80 كيلو غرام من العضلات لدى اللاعب"
مدرب الأحمال الأرجنتيني « فيرناندو سيوريني»
التأكيد على العامل الذهني في المقولة السابقة جاء من مدرب الاحمال في الارجنتين وهو الذي يُلقب بالمجنون الذكي في عمله هذا كشخص عبقري يعد اللاعبين بدنيًا جيدًا، لكنه لم يتشبث بحب عمله على الحقيقة المطلقة في اللعبة، لم ينادي بمهنته من أجل اسقاط زملائه في الاعداد الذهني الذين يتعبون من أجل الوصول لمرحلة ونسبة مئوية ذهنية لدى اللاعبين عالية جدًا، لكنهم لا يعترفوا بهكذا أمور فقط من أجل التشبُث بالرأي.
لا نتحدث هنا عن الاعلام بالسوء ووصفهم بالجاهلين، لكن العلم موجود في العالم والتحليل أصبح علم يدرب لسنوات وسنوات لمعرفة مشاكل الفرق والخصوم ومعرفة حالات الغياب الذهني لدى اللاعب، مثلاً ستقوم بإخراج لاعب ما في الدقيقة ستين، هذا لا يعني فشل بل إن هناك مشكلة لدى اللاعب وانت كمدرب استكشفت هذه المشكلة ولهذا اخرجت هذا اللاعب.
في تصريح قاله اندريا بيرلو قبل سنوات وهو تصريح يوضح ان اللعبة هي ذهنية اكثر مما غيرها فقال " كرة القدم تلعب بالعقل، الأقدام مجرد أدوات "
وضح بيرلو الفكرة التي يريدها الجميع، وضح لهم ان اللاعب ان كان متواجد ذهنيًا فباقي الادوات ستعمل وستقدم كل شيء دون توقف، ستعرف جيدًا ان حضورك الذهني هو المهم، والامور الذهنية ليست في كرة القدم وفقط بل هي في كل المجالات العملية والعلمية، لا يمكنك الإجابة في الامتحانات ان كان عقلك يعمل خارج قاعة الامتحانات، لا يمكنك إتمام عملك ان كان تفكيرك بعيد عن ماتتبناه الآن وتريد الانتهاء من صنعه.
من الأفضل ذهنيًا؟
محمد صلاح هو اللاعب العربي الأفضل كمثال للأمور الذهنية، عندما كان لاعبًا لتشيلسي لم يلعب كثيرًا ولم يتحصل على مساحة للتطور كلاعب كرة القدم، لكنه استمر في التدريبات حتى جاء الوقت ليُظهر نفسه في روما العاصمة الإيطالية مع فريق الذئاب، هناك حيث فعل كل شيء في الدوري الإيطالي وكان مثالاً للحضور الذهني الذي تحدث عنه سباليتي في تلك الفترة، ثم نضُج أكثر حتى قرر الرحيل إلى ليفربول وحتى اللحظة لازال محمد صلاح يعيش في أفضل ايامه الذهنية والنفسية.
في العالم بإمكانك ان تسأل في اي مكان من هو اللاعب الذي دائمًا في حضور ذهني كبير لم يسبقه أحد إليه في كرة القدم؟! ستكون الاجابة كريستيانو رونالدو فهو من أكثر اللاعبين المؤ ثرين في تاريخ اللعبة من جانب الحضور الذهني والاستمرار بنفس الاداء فهو دائمًا ماكانت ردوده في المستطيل الأخضرَ لا خارجه، رونالدو هو المثال الأكبر في العالم من هذا الجانب فلم يكن يومًا الا لاعبًا حاضرًا في كل الأوقات نفسيًا وذهنيًا وعامل التحفيز المستمر كذلك هو من الأمور الذهنية فهو لا يتوقف بالزجِّ برفاقه للأمام من اجل الهدف وبغية الوصول إلى حيث يريد.