نستعرض في هذا المقال القصير بعضاً من البرامج والمسلسلات من مناطق مختلفة بالعالم التي وظفت الدمى لاستهداف الكبار والصغار بغرض التعليم والتثقيف أو الكشف عن سلبيات الواقع السياسي والاجتماعي:
Spitting Image
يعتبر spitting image أحد أكثر عروض الدمى الساخرة شهرة على هذا الكوكب، تم بثه لأول مرة على التلفزيون البريطاني في عام 1984. اشتهر العرض بتصويره المتشدد بلا هوادة للشخصيات السياسية والعامة، بما فيهم مارجريت ثاتشر والعائلة المالكة البريطانية ورونالد ريغان حتى القذافي من بين آخرين. تم إحياء هذه الشخصيات وغيرها من خلال دمى مفصّلة بدقة وتعليق صوتي (فويس أوفر) غريب ليتم الاستهزاء بها بلا رحمة بسبب سلوكياتهم وسياساتهم وشخصياتهم المثيرة. كشف العرض عيوب كل شخصية وعمل كنقيض للصورة المثالية التي يحاولون تصويرها للعامة.
كان العرض شهادة على حرية التعبير والكوميديا وفعالية السخرية السياسية القاسية استجابة لثقافة المشاهير التي يتعامل بها السياسيين. استمر البث لمدة 12 عام حتى الحلقة الأخيرة في عام 1996. بعد 24 عاماً، تم إعادة إحياء البرنامج في عام 2020، كرد فعل على الطلب المتجدد وضرورة حضور السخرية السياسية في عصرنا الراهن.
افتح يا سمسم
لربما ليس هنالك أغنية محفورة بالذاكرة، أو تستحضر الحنين إلى الماضي مثل الأغنية الرئيسية من برنامج افتح يا سمسم.
فسيكون من الصعب عليك العثور على أي شخص ولد قبل عام 1995 لا يستطيع تسميع شارة الافتتاحية عن ظهر قلب. تم تسجيل حلقات البرنامج لمدة 10 سنوات فقط حتى توقف الإنتاج بسبب حرب الخليج الأولى، لكن استمر عرضه على الهواء من خلال بعض التعديلات وإعادة العرض وحافظ على شعبيته لعقود بعد أن توقفت الكاميرا عن التسجيل.
يعتبر المسلسل التربوي الأول من نوعه بالمنطقة العربية. تم الإنتاج بتمويل من الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والحكومة الكويتية، تم تصوير العرض باللغة العربية الفصحى لجذب قاعدة جماهيرية أوسع من جميع أنحاء المنطقة العربية وتصويره بالكامل في الكويت والبث عبر 22 دولة عربية ليكون أول برنامج أطفال عربي تعليمي-ترفيهي من هذا النوع.
في عام 2015، تم إعادة إحياء البرنامج ولكن هذه المرة ليستهدف أطفال دول مجلس التعاون الخليجي ليكون جمهوره الأساسي. على الرغم من أنه لم يستعيد شعبيته وانتشاره السابق مطلقًا، فقد مرّ إنتاجه بنفس المراحل. أولاً، حدد الصُنّاع احتياجات التعليم الأساسية للأطفال دون سن السادسة في المنطقة الخليجية عبر أبحاث ودراسات معمّقة في مرحلة ما قبل الإنتاج. تضمنت المرحلة الثانية عروض تجريبية على عينات من الأطفال لفحص انطباعاتهم واختبار وقع العرض عليهم وذلك لمراجعتها من قبل شرائح مختلفة من الخبراء مثل: المعلمين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس وغيرهم، قبل الوصول إلى المرحلة الأخيرة ألا وهي تصوير المسلسل وبثه.
في عام 2020، تم إطلاق أهلاً سمسم على قناة MBC3 الذي تم تصويره وتمويله من قبل نفس صنّاع افتح يا سمسم الأصلي. تضمن العرض العديد من الشخصيات الجديدة التي تعكس الأرقام المتزايدة للاجئين نتيجة الحرب السورية، فسترى أن بعض الشخصيات الجديدة أجبرت على ترك منازلها والانتقال إلى حارة جديدة. وتضمنت الحلقات رسائل وتقنيات لمساعدة الأطفال على التعامل مع ضغوط ما بعد الصدمة النفسية.
Les Guignols de l’info
في فرنسا كانت مجموعة Canal Plus تبث أكثر برامج الدمى سخرية وفكاهة لأكثر من 30 عام...حتى قرر المالك الجديد للمجموعة، فينسينت بولوريه الملياردير المقرب من الحكومة الفرنسية، إطلاق حملة تخريبية أدت إل إيقافه.
هذه الدمى المصنوعة من المطّاط الطبيعي (لاتكس) على هيئة شخصيات عامة فرنسية وعالمية مثل: السياسيين والرياضيين ومقدمي البرامج التلفزيونية ونجوم الموسيقى وأشهر رجال الأعمال، لم تكن ناجحة فقط لأكثر من 3 عقود، بل أفضل طريقة لانتقاد الأحداث السياسية أو الكشف عن تضارب المصالح أو الفضائح التي ظهرت في كل الصحف.
في كل مساء تجمّع الملايين من الفرنسيين أمام شاشة التلفاز لمتابعة البرنامج الذي عرض الأخبار بسخرية سياسية قاسية. وكما هو واضح...لم يكن بولوريه من المعجبين بالبرنامج وكره أن يتم الاستهزاء به مثل معظم أقرانه، على الرغم من حرية التعبير التي يكفلها الدستور.
قبل إعلان انتهاء عرض البرنامج من قبل مجموعة Canal Plus كان هناك تحذيرات عن إيقاف البرنامج. وبالفعل كشفت وسائل الإعلام في نهاية يونيو 2015 عن نوايا فينسينت بولوريه فيما يتعلق بإنهاء برنامج الدمى الساخر على الفور. أثارت تلك الأخبار العديد من الحملات والأصوات المعارضة للإيقاف تحت هاشتاغ #TouchePasAuxGuignols (لا تمسّوا بــ Guignols).
ورداً على ذلك صرح بو لوريه: "ليس هناك شك في التنازل عن الدمى لمصلحة أي شخص كان أو التخلي عنهم". ومع ذلك، كان من الواضح أن الوضع يتحرك باتجاه الإيقاف.
لاحقاً استبدل بولوريه فريق الكوميديين والمحررين بموطفين جدد يسهل السيطرة عليهم وأقل حدّة بالسخرية والانتقاد. علاوة على ذلك، قرر تغيير وقت العرض والسماح فقط لمشتركي canalplus بمشاهدته. في غضون أشهر قليلة، انخفضت أعداد الجمهور بشكل كبير، على سبيل المثال على تويتر، انخفض عدد المتابعين من 500 ألف إلى 100 ألف متابع في أسابيع قليلة فقط...فكانت النهاية! لم يكن بإمكان البرنامج الاستمرارية على القناة وتم إيقافه على الفور.