ثقافة
27.03.25

7 دنانير مقابل دولار واحد؟ حان الوقت للحديث عن الاقتصاد

تخيّل أن تفتح هاتفك وتقرأ هذا الخبر:
"الدولار يساوي ٧ دنانير ليبية."
خبر كهذا قد يبدو صادماً… وربما محبطاً.

لكن بدلًا من الوقوف عند الشعور باليأس، ماذا لو اعتبرنا هذه اللحظة فرصة لإعادة التفكير؟
ماذا لو كان هذا الخبر بمثابة جرس إنذار يخبرنا أن ليبيا بحاجة إلى أكثر من النفط لتزدهر؟
ما نحتاجه فعلاً هو: اقتصاد متنوع.

لماذا الاعتماد على قطاع واحد يشكل خطرًا؟

لنكن صريحين: الاقتصاد الليبي يعتمد بشكل شبه كلي على النفط، إذ يشكّل أكثر من ٩٠٪ من إيرادات الدولة.
هذا يعني أن أي تقلب في أسعار النفط، أو توقف الإنتاج بسبب أزمة سياسية أو فنية، قد يشلّ البلاد بأكملها: من الرواتب، إلى الخدمات، إلى فرص العمل.

لكن ماذا لو كان لدينا أكثر من مصدر للدخل؟
ماذا لو كان لدينا بدائل حقيقية تدعم الاقتصاد عندما يتعثر أحد القطاعات؟

تنويع الاقتصاد = قوة، استقلال، واستقرار

عندما تعتمد الدولة على مورد واحد، تصبح أكثر عرضة للتأثيرات الخارجية.
دولة تفرض عليك عقوبات؟ قد يتوقف تصدير النفط.
صراع سياسي؟ قد تُجمّد أصولك أو تتوقف عجلة الإنتاج.
وفجأة، تفقد سيادتك الاقتصادية.

أما عندما تمتلك عدة قطاعات نشطة — كالتكنولوجيا، والزراعة، والسياحة، والطاقة المتجددة — فإنك تصبح أقل عرضة للابتزاز، وأكثر قدرة على حماية قرارك الوطني.

الاقتصاد المتنوع يمنحك الاستقلال الحقيقي.


الاقتصادات المتنوعة أكثر قدرة على الصمود

دعونا ننظر إلى بعض الأمثلة:

الإمارات بدأت كدولة نفطية، لكنها اليوم مركز عالمي في السياحة، والخدمات المالية، والتكنولوجيا.
ماليزيا تحوّلت من اقتصاد يعتمد على الزراعة إلى دولة صناعية متنوعة.
تلك الدول لا تنهار عند أول أزمة عالمية، بل تتعامل معها بثبات.
الاقتصاد المتنوع يمنحك المرونة. وهذه المرونة تعني استقرارًا وظيفيًا، ونموًا مستدامًا، وفرصًا حقيقية للشباب.

اقتصاد قوي = مجتمع موحد ومستقر

عندما تكون هناك وظائف، ومشاريع، وآمال للمستقبل… تقل النزاعات، ويزداد التفاهم.
لا أحد يرغب في الحرب إذا كان مشغولًا ببناء حياة كريمة.
ولا أحد يفرّق إذا كانت المصلحة في الوحدة.

الاقتصاد القوي لا يمنحك المال فقط — بل يمنحك الاستقرار والكرامة والأمل.
وهذا ما تحتاجه ليبيا اليوم: أن تتحول من الانقسام إلى التعاون، ومن التنافس الداخلي إلى العمل من أجل مستقبل موحد.

ما القطاعات التي يمكن لليبيا تطويرها؟

الطاقة المتجددة: ليبيا تملك واحدة من أعلى نسب الإشعاع الشمسي في العالم. الاستثمار في الطاقة الشمسية يمكن أن يجعلنا مصدرًا إقليميًا للطاقة.
الزراعة والتقنيات الزراعية: نستورد جزءًا كبيرًا من غذائنا. بالاستثمار في الزراعة الذكية، يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتي وخلق وظائف كثيرة.
السياحة: ليبيا تضم آثارًا رومانية، صحراء خلابة، وسواحل ساحرة. إذا توفر الأمن، يمكن أن تصبح وجهة سياحية عالمية.
التكنولوجيا وريادة الأعمال: شباب ليبيا ذكي ومبدع. دعم المشاريع الناشئة يمكن أن يخلق جيلًا جديدًا من الرواد.
الخدمات اللوجستية: موقع ليبيا الجغرافي مثالي لتكون مركزًا للتجارة بين أوروبا وأفريقيا.
الصناعات الإبداعية: مثل الإعلام، وصناعة المحتوى، والموسيقى، والأفلام — هذه القطاعات تنمو عالميًا ولها جمهور واسع.


الخلاصة: لنبدأ اليوم

ما يحدث في سوق الصرف ليس مجرد رقم — بل رسالة.
إما أن نستمر في الاعتماد على قطاع واحد هش، أو نبدأ ببناء اقتصاد قوي، متنوع، ومستقل.

ليبيا تملك كل المقومات: الموقع، الموارد، الشباب، والإمكانات.
ما تحتاجه فقط هو الرؤية، والإرادة، والاستثمار.

فلنضع معًا أسس اقتصاد مستدام يخلق فرصًا حقيقية، ويعيد الثقة للناس، ويصنع مستقبلًا أفضل للجميع.

ليبيا تستحق أكثر… والوقت المناسب للبدء هو الآن.

مقالات ذات صلة