أشخاص غير عاديين

في عام 2018 انظمت ليبيا إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لذلك وبموجب هذه الاتفاقية يفترض ان تعمل الجهات التشريعية على تحويل أنظمتها المحلية والجهات التنفيذية على تطبيق هذه التحولات للتوافق مع بنود الاتفاقية. هكذا يبدو للقارئ أن ليبيا حديثا بدأت تولي اهتمام لهذه الشريحة التي تمثل وبحب
إحصائيات حديثة نسبة بين 2.9 – 14.8 من إجمالي عدد السكان ولكن ليبيا ليست حديثة عهد من الجانب التشريعي.

تشريعيا ليبيا بدأت في سن قوانين منذ عام 1987 بشأن ذوي الإعاقة على رأها قانون رقم 5 خاص بمنحهم منافع ومميزات خاصة مثل حصولهم على بطاقة تخص االستفادة من مجموعة متعددة من الخدمات , وازداد هذا االهتمام من الناحية التشريعية مع تزايد الكبير العداد ذوي الإعاقة بسبب النزاعات المسلحة التي شهدتها ليبيا في السنوات الأخيرة , اخر هذه القوانين قانون رقم 4 لعام 2013 من اهم بنوده كفالة الرعاية الصحية والتأهيل المهني لهم. من الناحية المهنية يفترض أن يكفل القانون الصادر عام 1987 تكاليف التعليم والتأهيل المهني ويكفل أيضا فرص توظيفية حال إكمالهم لفترة التأهيل وأن تكون نسبة لا تقل عن %5 من العاملين من ذوي الإعاقة حسب مؤهله وأيضا أن تتم مساعدتهم للتكيف مع العمل وتحديات بيئته المعقدة إذا حسب القانون الليبي الذي عمل جاهدا على تذليل صعاب التي من الممكن أن تواجههم وكفل لهم حقهم في اغلب جوانب الحياة ان لم يكن جميعها من المفترض انهم الآن مدمجين فالمجتمع ويعيشون ويعاملون كأي مواطن أخر ولكن للواقع رأي أخر , إذ أن أغلب هذه القوانين لا تؤخذ بعين الاعتبار والتطببق إلا القليل منها والذي لا يتماشى مع زيادة الحياة تعقيدا كل يوم قانونيا تم تخصيص مرتب شهري لهم وتم زيادته في السنوات القليلة الأخيرة ومع ذالك لا يكفي ليعيشوا حياة كريمة ولا يغطي تكاليف أدويتهم ومستلزماتهم الخاصة, وعلى الجانب الأخر لا تتوفر لهم فرص عمل مناسبة وذات مردود مادي جيد يكفيهم مسألة دمجهم في المجتمع وتأهيلهم كلا حسب إعاقته وصعوباتها لا تؤخذ بشكل جدي هي في غالبها حبر على ورق.

حياتهم اليومية تواجه صعوبات قد تبدو طفيفة ولكنها ذات عواقب وخيمة مثل المباني ابتداءا من الحكومية انتهاءا بالمحال التجارية غير مهيأ تماما لهم لتسهيل التنقل هذا الأمر يدفع  الكثير منهم الى العزلة والاكتفاء بالمنزل مؤخرا بدأت بعض الأماكن بمحاولات لوضعهم في عين الاعتبار منذ بداية تصميم المبنى , أمر يدعو ربما للتفاؤل بوعي أكثر. 

  أغلب ذوي الإعاقة لا يحتاجون للدعم الكامل بقدر ما يحتاجون محاولات جادة للدمج  والمعاملة بكرامة كافية هذه التمييزات الواضحة هي عكس ما نص عليه القانون تماما. اجتماعيا المجتمع ليس أفضل حاال من سوق العمل , سوق العمل هو امتداد لما يحدث فالمجتمع التسميات والنعوت الثقيلة جعلت من اندماجهم اكثر صعوبة وتؤخرها كثيرا.

الثقافة المجتمعية فقيرة تماما فيما يخص الإعاقات وانواعها وكيفية التعامل معها , فقر الوعي بما تحتاجه هذه الفئة من المجتمع المحيط بها يزيد من عزلتهم وبعدهم عن المجتمع, قلة المعلومات انتجت قلة اهتمام بهم مما عزز عورهم أنهم غير مهمين وغير مرئيين بالنسبة لكل المحيطين بهم ربما باستثناء العائلة , في حين أنهم يستطيعون ان يكونوا اعضاء فاعلين فالمجتمع بل ويضيفون له اكثر من المتوقع ان تم توفير المناخ المناسب لهم وقدراتهم.

اجتماعيا أيضا يجب دعم المؤسسات الغير حكومية المهتمة بهذا الشأن والإعتراف بدورهم في ظل الغياب الكبير للدور الحكومي , كل هذه المجهودات والمبادرات لا تغني بالتأكيد عن  الدور الحكومي ولكن هي أفضل من ال شيء.

قبل عامين تقريبا في يناير 2022 عقد أول اجتماع لرابطة ذوي الإعاقة كان من مخرجات هذا الإجتماع لجنة مختصة لمتابعة أحوالهم ولكن هل سنرى تأثير حقيقي أم سيكون مثل  بقية الإجتماعات. 

ختاما.. 

بالتأكيد قطعت الإنسانية شوطا كبير من حيث ما بدأت , حيث بدأ الأمر بالتخلص من أي شخص غير عادي بالنسبة لهم سواء ذهنيا أم جسديا , وتطور التعامل مع هذه الشريحة المهمة والحساسة شيئا فشيئا ولا يزال الطريق طويلا للعمل على توفير حياة كريمة لهم  ومجتمع يحتضنهم, 

التزايد الهائل في أعداد ذوي الإعاقة في بلدنا يجعل من المستحيل أن نغض البصر عن ما يعانون وعن كون هذا المحيط يجهل عنهم وعن معاناتهم الكثير , المسؤولية المجتمعية اتجاههم كبيرة ولن نستطيع نحن كمجتمع التملص منها مهما أشحنا البصر.

  

-هبة الزوي.

مقالات ذات صلة