مراجعة فيلم Elvis (2022)
لم تكن تُعجبني أغاني إلفيس فحسب، والسبب في ذلك هو خطابه الشهير عام 1971 على منصة “ممفيس تينيسي” عندما قال: “بدون أغنية، اليوم لن ينتهي أبدًا؛ بدون أغنية، الرجل لن يحصل على صديق”. وكان يردد دائمًا عبارة تحفيزية حول رضاه عن نفسه: “كلّ ما كنت أحلم به تحقق، من الشهرة للغناء للتمثيل في الأفلام”. كان يعجبني كونه إلفيس الحالم، وقصته الشخصية الملهمة، لأنه ليس من السهل أن تكون ابن لعائلة ذات خلفية متدينة، وتحلم بأن تكون مغنيًا...فكان يحاول تحقيق مبتغاه هذا دون أن يأثر سلبًا في علاقته مع العائلة، خاصةً مع أمه، وغيرها من التفاصيل المعقدة.
يغطي الفيلم حياة وموسيقى “إلفيس بريسلي” (أوستن بتلر)، من منظور مدير أعماله “توم باركر” (توم هانكس) على مدار 20 عام، ويكشف بشكل تصاعدي التعقيدات التي عاشاها معًا، ونمر مع حكاية إلفيس منذ البداية إلى الشهرة. رحلة إلفيس الغنائية مرت بالكثير من التحولات في أمريكا، وهو بنفسه واجه تحولات ثقافية كبيرة وقتها، أثرت عليه وعلى طريقته في الغناء. إلفيس الأبيض الذي يغني موسيقى السود، هكذا كان يُنظر له، وكانت حركاته الاستعراضية مرفوضة بحجة التأثير السلبي في التلفزيون.
الفيلم من إخراج المرشح لجائزة الأوسكار (باز لورمان)، والذي يملك تجارب مهمة في هذه الجينرا أو النوع من الأفلام. حقق باز فيلمًا حيويًا اعتمد فيه على بيوغرافي سينمائي مُلم بمحطات إلفيس كلها، وجاءت النتيجة بفيلم مقسم على جزئين، الجزء الأول الذي شاهدنا فيه ولادة هذه الموهبة، وهو الجزء الأكثر متعة وحيوية بالفيلم، بينما الجزء الثاني الذي حاول أن يمر على التفاصيل الأكثر درامية بحياة إلفيس، وهو الجزء البطيء بالعمل، لكنه لم يفتقد للنقلات المونتاجية الممتعة مع أغاني إلفيس وبعضًا من حفلاته الأسطورية.
يعاب على سيناريو الفيلم المرور السطحي والسريع على بعض الأحداث التي مر بيها إلفيس، لكن هذه ضريبة أعمال السير الذاتية التي تحاول الإلمام بكل شيء، ورغم وجود هذا العيب، لكنّ استعراض القصة كان ممتعًا ومبهرًا على صعيد الصورة، ليس سهلًا المرور بحقب زمنية مختلفة وتحقيقها بصريًا بهذا الشكل، وقد يكون هذا الفيلم للتعريف أكثر بهذه الأسطورة، ويمكن لأي شخص أن يشاهد العمل دون معرفة بمن يكون إلفيس.
على الصعيد الشخصي، أحببت كيف أن الفيلم تميز في استعراض أغاني إلفيس على المسرح بإظهار تفاعل الجمهور والمعجبات معه، وهذه تفصيلة دقيقة عُرفت بها إلفيس، كان يشبه بالقديس، فلا يُنظر له كمغني فحسب، بل كان بالنسبة للجمهور فرصة للسُكر والتوهان.
أنا كمحب لموسيقى الروك والبوب والكانتري، من المبهر معايشة هكذا تجربة، حتى وإن لم تكن بالمستوى الذي يجعلني أعيدها، لكنها مسلية وماتعة لروحي المحبة للموسيقى، ولم تتوقف رجلي على الحركة طوال الفيلم، كنت في حالة من الاسترخاء والحُب والانفصال الفعلي عن العالم الخارجي.
أداء “أوستن بتلر” رائع رائع رائع، هذا الولد أتقن حرفيًا تجسيد إلفيس، كان يمثله في كل شيء، من نبرة الصوت للحركة للغناء، كان ينضح به. بينما من الطبيعي أن يتقن “توم هانكس” أدواره، ورغم اختلاف هذا الدور عن طبيعته كممثل، لكنه في مكياج جديد وشخصية مركبة وقاسية، تمكّن من جديد.
مشاهدة الفيلم بالسينما ضرورة حتمية، أو انتظر حتى صدور نسخة عالية الجودة. إلفيس، فنان رائع وحالم ورقصاته تشبه الرقصة التي يرغب الجميع في تأديتها على مسرح الحياة، وكما ي قول في إحدى أغانيه المميزة: “we can’t build our dreams on suspicious minds.”