منذ بداية توسع الإنتاج التليفزيوني ليشمل أبعد من الكوميديا ليمتد لمعالجة القضايا المختلفة , ظهرت الدراما
التاريخية لتشكل جزء لا يمكن الاستغناء عنه من هذا الفن
ولتحوز على نصيب الأسد في كثير من المجتمعات من الانتاج ونسب المشاهدة .
لتساهم هذه الإنتاجات في تكوين الذاكرة الجمعية للمجتمعات عن ما كان شكل ماضيهم .
تستعمل الكثير من الدول هذه الدراما لتروي قصتها للعالم كما تريد هي، لتسقط ما
أرادت وتبرز ما يدعم نظرتها الحالية لنفسها
- الحشاشين، سقطة الدراما التاريخية
بعد غياب لا بأس به عن الإنتاجات التاريخية الضخمة خرج هذا العام للنور مسلسل الحشاشين هذا العمل الذي
استغرق إنتاجه مدة ليست بالقصيرة وأعيد كتابته اكثر من مرة (نقال عن صناع العمل) ولكن شأنه كشأن أي
عمل تاريخي أخر تعرض للكثير من الانتقادات ولكن هذه المرة كانت هذه الموجة أقوى مما سبقها
وسنستعرض فيما ياتي ابرز ماتم انتقاده .
على لسان من تروى الحكاية وهنا بداية كل المغالطات يبدو ان الصناع اعتمدوا الرواية الغربية في رواية هذه
القصة , يظهر الاعتماد الواضح في اكثر الاحدات المحورية في القصة على رواية ماركو بولو التي اتفق
الجميع على المبالغات الغير منطقية الواضحة بها .
والرد على هذه النقطة كان انه تم اعتماد الروايات الغربية لقلة الروايات العربية حيث يذكر ان اي اثر مسجل
لهم تم محوه عندما اقتحم المغول واحرقوا اماكنهم واي تدوين حدث بعد ذالك حدث في أوقات متأخرة واختلفت
الروايات العربية عن هذه الحقبة .
هنا يجب القول ان اختالف الروايات أمر طبيعي الحدوث لان الرواية ستختلف حسب على لسان من تروى
وخلفيته وايدولوجياته .
المغالطات التاريخية منذ لحظة البداية بدأ الأمر بالخطأ الفادح عن رواية كيفية لقاء نظام الملك وحسن الصباح
حيث من الشبه مؤكد أن نظام الملك قد ولد قبل حسن الصباح بعشرين عام، اذا كيف يكونان أصدقاء الطفولة؟
وجود عمر الخيام غير منطقي لأي قارئ جيد لتاريخ هذه الشخصيات حيث يذكر في الكثير من المصادر
العربية لعمر الخيام استقلاله فكريا عن هذه الجماعات سواء جماعة نظام الملك أو جماعة حسن الصباح، اذا
ليس من المنطقي عهدهم منذ الطفولة .
مغالطة أخرى رصدها المهتمين بالأساليب المعمارية ما أسموه عدم تحري الدقة التاريخية في نوع معمار
المباني التي تم بناؤها للتصوير بها وشككوا في مدى فهم المسؤولين عن الديكور للفروق بين الأساليب
المعمارية لكل عصر .
جنة حسن الصباح المزعومة ليس من المنطقي وجودها حيث يزعم فالمسلسل أن حسن الصباح يأخذ من يريد
تجنيدهم بها في جولة ليريهم ما يعدهم إن اطاعوه، ولكن حسب الموقع الجغرافي لقلعة ( ألموت ) وعلوها
الشاهق وشتاؤها المستمر لسبعة أشهر وأكثر يجعل من تحويلها لجنة بها ما بها من أنهار وخضار غير ممكن
على الإطلاق .
اللهجة اختيار اللهجة المصرية غير موفق باتفاق اغلب المتابعين وكان الرد من الصناع انه تم اختيارها
لتسهيل الفهم على المشاهد، مع أن المشاهد العربي قد سبق له وان شاهد الكثير من المسلسلات التاريخية باللغة
العربية الفصحى ولم يواجه اي صعوبة تذكر في فهم ما يحدث أمامه على الشاشة، التحدث بالفصحى وفر
متعة لأذن المشاهد ناهيك عن دوره في أحياء اللغة العربية الفصحى الصحيحة .
ولكن أخيرا يجب ذكر للمسلسل الإشادة بالأزياء وان كان بها الكثير من سقطات هي الأخرى , ولكن لنترك لهم
حسنة تذكر .
أغلب هذه االنتقادات وجهت بشكل أساسي لمخرجه ( بيتر ميمي ) وأسلوبه المعروف بالتغاضي عن ما يسميه
التفاصيل، ولكنها بالمتعارف عليه هي أساسية في صناعة هذا النوع من المسلسلات.
ختاما .
يقول الكاتب السوري مروان ناصح في كتابه ( التاريخ في لحظة حرجة ) : أن مسلسلاتنا التاريخية ما
تزال عشوائية ومزاجية ولكن يجب أن لا ننكر دورها وفوائدها المعرفية والتاريخية .
رواية التاريخ دائما ما تعرضت لكم هائل من الضغط من الجهات المنتجة لترسم صورة معينة أرادوها
هم، تسيس واضح في كثير من الأحيان لخدمة أجندة معينة والإشارة بإصبع الاتهام لتوجهات وطوائف
بعينها دونا عن الأخرى.
ولكن يجب ان نسأل هل يجب على الدراما أن تروي تاريخا خالصا وحقيقيا؟
و هل كل المغالطات التاريخية تغتفر؟
أيحق لعدسة الكاميرا أن تروي التاريخ كما تريد؟