17 فبراير2011
كان هذا هو اليوم، بالنسبة للكثيرين، الذي ضحى فيه الليبيون بحياتهم لإسقاط ديكتاتور. بالنسبة لآخرين، يمثّل كارثة لم تتعاف منها ليبيا بعد! إنها الذكرى العاشرة لهذا اليوم المصيريّ، وعلى الرغم من أن الكثيرين لديهم آراء قوية تدعم وجهتي النظر من الجانبين، فإنّ هذا المقال لا يسعى إلى منح الأفضلية لأيّ منهما. ما يهمني مبدئياً إلى أين نتجه من هنا؟ فلماذا لا يتحسن المريض إذا تم استئصال السرطان؟
كنت أشاهد فيديو رحاليستا عن بيلاروسيا يوم الإثنين، ومن الصحيح أن محتواه غير سياسي، لكن رحلاته نقلته إلى بلد يعاني من الاضطرابات السياسية. يتجه أنظار العالم إلى تظاهرات مواطني بيلاروسيا منذ شهور المُطالبة بإزاحة زعيمهم ألكسندر لوكاشينكو - الذي يسمونه "آخر ديكتاتور في أوروبا".
قوبلت احتجاجاتهم السلمية بقمع وحشي مما يبدو أنه زاد من حدة هذه الاحتجاجات.
عندما سمعتُ الحشود تهتف من أجل التغيير والعدالة والتحرر من الاضطهاد، تذكرت اليوم الذي فعل فيه الليبيون الشيء نفسه! ربما لم تكن نتائج الثورة كما توقعنا، لكن هل كان من الخطأ المطالبة بالتغيير؟
لا أبداً.
هل حققنا التغيير الذي طلبناه؟
لا ليس بعد.
في عصر ما قبل الثورة كانت ليبيا بلد الرجل الواحد، حيث اتسّم الحكم بالاستبدادية وتجاهل حقوق الإنسان ونظام قضائي غير عادل. نتفق جميعاً أنه لم يكن هناك مساحة لحرية التعبير، أو تواجد للمجتمع المدني، أو وسائط إعلام وأعمال مؤممة. سادت مظاهر المحسوبية والفساد والثروات الضائعة - والقائمة تطول!
حالياً، ليبيا ليست ولن تكون بلد الرجل الواحد. ولكن بعد مرور 10 سنوات، وعلى الرغم من تغّير القيادة، لا تزال العديد من الظروف التي أجبرت الناس على المطالبة بالتغيير في 17 فبراير 2011 متفشيّة! فالثورة ليست مجرد عزل زعيم قاسٍ وظالم، إنما تحقيق لتطلعات وآمال ومطالب الشعب. هل يا تُرى فات الأوان للعمل على تحقيق مبادئ الشفافية والمساءلة والشمولية والحقوق والحريات وسيادة القانون؟
لم يفت الأوان بعد...
يمكنني القول إن هذا التغيير يبدأ معنا نحن كمواطنين بقدر ما يبدأ بقياداتنا. لا يمكننا الاستمرار في إضعاف جبهتنا من خلال الانقسام والتمييز والانقسام ونحوه، بل علينا أن نتعلم من أخطائنا وألا نخجل منها! من المهم جداً تثقيف أنفسنا وأن نفكّر بشكل نقديّ بشأن أولئك الذين ننتخبهم لسدّة الحكم، ودعم بعضنا وحماية بعضنا البعض من الأذى. علينا البدء بمحاسبة أولئك الذين يرتكبون الأخطاء، بغض النظر عن مقدار سلطتهم، ومقاومة الانغماس في نزوات الدول الأخرى التي تحمي مصالحها، وتنويع اقتصادنا وتقليل اعتمادنا على النفط.
تتكون حياتنا من سلسلة من القرارات الصغيرة التي نتخذها يومياً، فلنختار القرارات الصائبة إذاً!
لأن الأمل والحلم بمستقبل أفضل هو القضية الأنبل والأجدر بالقتال من أجلها، لعلّ السنوات العشر القادمة تقودنا سويّاً نحو مستقبل أكثر إشراقاً.