"وداعًا بيليه" لا كلام يعلو على هذه الجملة في العالم بأسره، فالكل يتحدث عن أهدافه ومبارياته وكؤوس العالم الثلاث التي حصدها في مسيرته، وفي ليبيا أيضًا لم ينسى الوسط الرياضي هذا النجم.
طفولة بائسة
هو "إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو" والده كان لاعب كرة قدم، ولكنه تعرض لإصابة أنهت مسيرته مبكرًا، وجعلته يعمل في تنظيف المراحيض بسبب حالتهم المادية الصعبة.
"بيليه" من مواليد عام 1940 في قرية "تريس كوراكويس" بالبرازيل، قصة اسمه كانت تيمنًا بالعالم إديسون الذي اخرع الكهرباء، ولكن هذا الاسم لم يستمر معه طويلًا في المدرسة، وكان اسم "بيليه" هو ملازمًا له، بسبب أنه كان يخطئ في نطق اسم لاعبه المفضل “بيلي” حارس فريق فاسكو دي جاما السابق، ولهذا أطلق عليه زملاؤه اسمًا مشابهًا هو “بيليه”.
أراد الانتقام لدموع والده
حلم طفولته كان أن يصبح طيارًا، ولكن بسبب تحطم طائرة محلية بالقرب من منزله، ووفاة الطيار وجميع الركاب، أثرا هذا على بيليه وجعله ينسى هذا الحلم. حلم بيليه تغير لكرة القدم عندما كان في سن التاسعة، حين شاهد أبوه يبكي بحرقة عندما خسرت البرازيل نهائي كأس العالم أمام أوروجواي في ملعب الماراكانا، فوعد والده بأنه سيفوز بكأس العالم.
فواصل لعب كرة القدم رغم رفض والديه، وأيضا الظروف المادية الصعبة التي جعلته يعمل ماسحًا للأحذية، ولكن لم يستسلم حتى احترف كرة القدم في سن 15 ربيعًا، في نادي سانتوس البرازيلي، وبعدها بسنة أصبح لاعبًا لمنتخب البرازيل، وفي سن 17 عاما أصبح أصغر هداف في تاريخ كأس العالم.
زيارته التاريخية لليبيا
الأسطورة البرازيلي أتى إلى ليبيا شهر أبريل من سنة 1975، عندما استدعته شركة المشروبات الغازية "كوكا كولا" فقام بجولة في العاصمة طرابلس، وصادفت زياراته لقاء فريقي الأهلي بنغازي والمدينة، والتي استضافها ملعب طرابلس الدولي بتاريخ 4 أبريل 1975، وانتهت بالتعادل بثلاثة أهداف لكل فريق. وبعد نهاية هذه المباراة حضر بيليه حفلًا لفرقة موسيقية تسمي نفسها "فرقة النسور" على أنغام الريقي، والذي كان في أوجه في تلك الفترة.
ماذا قالوا عن زيارة بيليه؟
حاورت الواو عددًا من الصحافيين والإعلاميين الليبيين الذين واكبوا تلك الزيارة، فالصحفي المخضرم محمود الغرابلي كان حاضرًا لهذا اللقاء وحدثنا أن زيارة بيليه ليبيا كانت بمثابة زيارة رئيس، مضيفًا: "بيليه كان أسطورة كرة القدم في تلك الفترة، في زيارته كان صدى غير عادي لدى الوسط الرياضي بالكامل، وكان الجميع حريصين على التقاط الصور معه".
أما الصحفي الكبير زين العابدين بركان فكان رأيه: "طبعًا الزيارة كانت تاريخية وجاءت عقب اعتزاله الدولي بسنوات قليلة، وكان في أوج شهرته ونجوميته" مضيفًا: "أن لهذه الزيارة أصداء كبيرة محليًا ودوليًا، وكانت نوعًا من أنواع الدعاية والترويج، لاهتمام ليبيا بكرة القدم، كونها تدعو لزيارتها نجم بحجم وقيمية "بيليه".
"الواو ليبيا" أيضًا أخذت تصريحًا من الإعلامي الكبير "عياد العشيبي" والذي علق على وفاة الأسطورة: "قد لا يعلم الكثير من الناس أن كرة القدم لم تدخل القلوب وتأسر العيون والألباب في العالم إلا مع تقديم بيليه أوراق اعتماده لاعبا، فلهذا أستحق أن يكون لاعب القرن العشرين، ولأنه سر السحر الكروي ولأن اسمه ذاع صيته، فقد تهافتت عليه المنظمات الكروية والإنسانية والسياسية سفيرًا للبهجة والمتعة."
أما عن زياراته لليبيا فقد أضاف العشيبي: "طاف العالم وزار البلدان ونشر المفاهيم الجميلة للكرة، فجاء إلى ليبيا وحضر مباريات الدوري، وحاضر وقدم فواصل كرويه للأطفال، وكانت زيارة تاريخية ما زالت تعيش وتأخذ ركنها في ذاكرة الكرة المحلية."
الصحفي والمؤرخ المعروف عزالدين جرناز وصف الزيارة بأنها "لاقت صدىً واسعًا من مختلف وسائل الاعلام المحلية والعالمية، وأجرى فيها حصة تدريبية بالمدينة الرياضية بطرابلس، جمعت منتخب شباب طرابلس وفريق مدرسة الراحل علي الزقوزي".
كما أضاف جرناز: "مثل بيليه علامة فارقة ليس على المستوى الرياضي فقط بل على المستوى الخلقي، وشكلت وفاته تفاعلًا كبيرًا على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام بأسره، في حادثة لا تحدث إلا نادرًا، وهو ما يوضح تقدير جماهير المستديرة في كافة بقاع الأرض لشخصه".
لقب الأسطورة لم يأت من فراغ
بيليه بعد أن تربع على عرش كرة القدم العالمية، كانت شعبيته في ازدياد كبير، حتى أنه تتعرض لمواقف غريبة من قبل جمهوره، نذكر منها في سنة 1967، حين قام فريق سانتوس الذي كان يلعب معهم بجولة في أفريقيا، من ضمنها مباراة ضد لاغوس النيجيري، حيث توقفت الحرب الأهلية هناك لمدة 48 ساعة، كي يتمكنوا من مشاهدة بيليه.
الموقف الآخر عندما استبعده مدرب البرازيل من تشكيلة المنتخب في مباراة ودية، فإن الجمهور لم يهدأ حتى تم إقالته، أما الحكم الكولومبي "بيلاسكيز" فقد تعرض للسب والشتم للضرب من قبل جمهور سانتوس عندما طرد بيليه في مباراة ودية، حتى غادر الملعب وتغير الحكم، وعاد بيليه للملعب.
"نحبك بلا حدود، ارقد في سلام"
هكذا أعلنت ابنته خبر وفاته للعالم بأسره، ليغادر بيليه هذه الدنيا في 29 ديسمبر 2022 عن عمر يناهز 82 عاما، نتيجة مرض سرطان القولون. بيليه توج بثلاثة بطولات لكأس العالم في سنوات "1958، 1962، 1970"، وسجل 1282 هدفًا في 113 مباراة مع المنتخب البرازيلي.