بمجرد قراءتك للعنوان سيصيبك الذهول والاستغراب، أهذا لدينا في ليبيا؟ ولكن أحلام شباب ليبيا واسعة وكبيرة حتى وصلت إلى الفضاء وإطلاقهم بكل شجاعة مخيم الفضاء الأول في ليبيا ولأول مرة!
مخيم الفضاء الأول هو أوّل مخيم يقام في ليبيا يهتم بمجال علم الفضاء والفلك ليجمع من خلاله شباب ليبيا من الجنسين، تحت سماء واحدة ووطن واحد، بمختلف مدنهم ولهجاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، يجمعهم حبّهم للعلم والمعرفة في مجال الفلك والنجوم والأجرام في حدث كبير قامت على تخطيطه وتنظيمه لأشهر عدة مؤسسة رؤية لعلوم الفضاء وتطبيقاته في مدينة قورينا "شحات" الساحرة، وذلك مع بداية شهر مايو من عام 2023.
تناول المخيم موضوعات وجلسات تدريبية وجولات سياحية في طبيعة مدينة شحات الخلابة حول الفضاء والفلك، والنجوم والكواكب، عاش فيه المشاركون تجربة لا تنسى حفرت في ذاكرتهم أجمل اللحظات الممزوجة بين العلم والمعرفة ووحدة الوطن والأخوة.
يحدثنا السيد أبو بكر القماطي قائد مخيم الفضاء الأول والمدير التنفيذي لمؤسسة رؤية والذي قام على إدارة هذا المشروع، حيث عمل مع فريق عمله للإعداد والتخطيط لهذا المخيم.
وعن كيف جاءت فكرة المخيم فقال: "انبثقت فكرة إنشاء أول مخيم فضاء في ليبيا من ح اجة الشباب المهتمين بعلوم الفضاء إلى حدث فلكي يجمعهم. رأى منظمو المخيم فرصة لإنشاء حدث يمكن أن يكون بمثابة رسالة سلام في وطنهم، وكمؤسسة رؤية رأينا أن مخيم الفضاء سيكون وسيلة مثالية لتحقيق هذا الهدف، مع توفير فرصة لتعزيز التعليم العلمي وإلهام قادة المستقبل في مجال تكنولوجيا الفضاء."
وعن الوقت الذي استغرق في الإعداد للمخيم يقول: "بدأ التخطيط للمخيم منذ سبتمبر 2022، مع وضع خطة مفصلة للمخيم من حيث المواد اللوجستية والعلمية والإعلامية. ليبدأ الإعداد الفعلي للمخيم في فبراير 2023، حيث استغرقت عملية التخطيط والتنفيذ ما يقرب عن سبعة أشهر، عمل خلالها فريق المخيم بجد وكفاءة لضمان نجاح المخيم."
يخبرنا عن سبب اختيارهم لمدينة شحات لتكون مكان انعقاد المخيم: "تم اختيار مدينة الشحات كموقع للمخيم الفضائي لأنها تمثل إرثًا تاريخيًا مهمًا للشعب الليبي. إنها مسقط رأس العالم اليوناني أراستينوس، الذي كان قادرًاً على حساب الفرق في طول الظلال لقياس محيط الأرض.
وعن التحدّيات والصعوبات التي واجهتهم يقول: "طرح تنظيم أول معسكر فضاء في ليبيا العديد من التحديات والصعوبات. كان التحدي الأول هو الإعداد لأنشطة المخيم، وتتطلب مثل هذه المخيمات تنسيقًا عاليًا، وصعوبات لوجس تية في نقل المشاركين من مختلف مناطق ليبيا إلى مدينة شحات، فضلًا عن صعوبات أمنية وتوفير المعدات اللازمة التي كان لابد من شحنها من خارج ليبيا، وعلى الرغم من هذه التحديات عمل فريق المخيم بجد لضمان تنفيذ جميع الأنشطة بسلاسة."
وفي حديثه عن استمرار هذا المخيم بنسخ أخرى ذكر لنا أنه يخطط منظمو المخيم بالفعل للمخيم الثاني: "والذي سيشمل عددًا أكبر من المشاركين وفعاليات أخرى. وقد أظهر نجاح المخيم الأول أن هناك اهتمامًا وطلبًا كبيرًا لمثل هذه الأنشطة في ليبيا، ونعتقد في رؤية أن هذه المبادرة ستستمر في النمو والتطور في السنوات القادمة. ونأمل في جعل مخيم الفضاء حدثًا سنويًا لإلهام المزيد من الشباب لمتابعة علوم الفضاء، والمساهمة في تطوير صناعة الفضاء في ليبيا."
بعد ما تعرّفنا على المخيم وتفاصيل تنظيمه، نلتقي بالسيدة سجوان العرفي -منسقة فريق التواصل- والتي كانت هي وفريقها على تواصل أكثر ومباشر مع المشاركين في المخيم منذ التسجيل والاختيار وانطلاق المخيم.
حيث سألناها عن حجم الإقبال والأعداد التي سجلت في المخيم وكيف تم الاختيار فقالت: "حقيقة كنّا نتوقع إن الإقبال سيكون بعدد كبير، ولكن لم نتوقع العدد الهائل من المشتركين الذين أقدموا على التسجيل عبر الرابط الذي نشرته المؤسسة خلال أيام معدودة من نشره، و هذا الشيء جعلنا أمام تحدّي كبير في عملية الاختيار، بل كان الاختيار عملية صعبة جدًا، لأننا لا نريد أن نظلم ونحرم أحد من المشاركة. فاعتمد اختيارنا مبدئياً على العمر والتنوع الجغرافي، فقمنا باختيار المشاركين من مدن مختلفة تحقيقًا لشعارنا وهدفنا الحقيقي.
حتى أن أحد المشتركين قال لي كلمة أسعدتني: "أنا اليوم مانشوفش أن وصولي لناسا صعب!" والنتيجة حقيقة كانت مرضية جدًا لهم ولنا بالتأكيد.
التقينا بمجموعة من الشباب المُشاركين في المخيم من مدن عدّة واستمعنا لآرائهم عن المخيم في كلمات قصيرة فكانت جميعها جميلة ومليئة بالطاقة الإيجابية
سند الهاميسي - زوارة:
"كانت تجربة رائعة ومميزة، وأكثر ما جعلني متحمسًا للحضور هو مكان إقامة الحدث -شحات- وبأن مؤسسة رؤية هي المسؤولة عن التنظيم بحكم خبرتها في مجال الفضاء."
رغد أحمد - درنة:
"كانت التجربة على قدر التوقعات، بل فاقت التوقعات! في البداية أردت أن أُجرّب شيئًا جديدًا، ولهذا أقبلت على المشاركة في المخيم، ولم أتصور أن التجربة ستك ون مُمتعة ومفيدة بهذا الشكل. من خلال المحاضرات والتجارب العلمية تعرفنا بشكل أكبر وأعمق على علوم الفضاء، وتأثيرها على كُل مناحي الحياة، ومن خلال الرحلات والتخييم الميداني رأينا انعكاس هذا الفضاء الفسيح على كوكبنا من خلال إحدى أهم المدن الأثرية في العالم وهي مدينة قورينا.
أكثر ما يجعل المخيم مميز من وجهة نظري هي كون المشاركين من كُل أنحاء ليبيا، اختلاف اللهجات وسماع اللكنات المختلفة مجتمعةً في مكان واحد، وتحت ظل سماء واحدة معترفين بوطن واحد، كُل هذا جسّد الأهداف الموضوعة من قبل القائمين على المخيم، وانعكس إيجابًا على تجربتنا نحن كمشاركين فيه."
سعيد عبد الباسط - اجدابيا:
"بصفتي مشاركًا في أول مخيم للفضاء في ليبيا، أشعر بالحماس والفخر لأنني كنت جزءًا من هذا الحدث التاريخي. تعلمت الكثير عن الفضاء والفلك والعلوم المرتبطة بهما من خلال النشاطات المتنوعة والممتعة التي نظمها المخيم، معرض Earth art كان مذهلًا، حيث رأيت أعمالًا فنية رائعة مستوحاة من الطبيعة والفضاء. الرصد الفلكي كان تجربة ساحرة، قانون نيوتن الثالث وتصميم مركبة فضائية كان نشاطًا مبدعًا ومسليًا، وعرض القبة الفلكية كان رحلة رائعة إلى الفضاء."
رنا الاوسطى - طرابلس:
"التجربة كانت دسمة، مختلفة تمامً ا عن أي شي جربته من قبل، حيث كانت متنوعة بين تعلّم وترفيه وتكوين صداقات، المحاضرات كانت ثرية بالمعلومات، وتجربة الرصد كانت جميلة ولها أثر كبير في نفسي. بالإضافة إلى التخييم، التنظيم، والالتزام بالمواعيد في كل فقرات المخيم، كل هذه الأشياء كانت منن أهم الأسباب التي جعلت المخيم ناجحًا وممتعًا للمشتركين."