عندما نفكر في صانعي التغيير أو الأفراد الملهمين، فإننا نريد بطبيعة الحال أن نكون قادرين على تكريمهم والتصفيق لهم اعترافاً بجهودهم وعملهم الجاد.
لسوء الحظ، بالنسبة للنساء الخمس اللواتي سيتم ذكرهن في مقال اليوم، لن يكون بمقدورهن رؤية محاولة تكريمنا أو مشاهدة التغيير التي دافعن عنه وحلمن برؤيته يصبح حقيقة رويداً رويداً في أنحاء البلاد. لماذا؟ لأنه تم معاقبتهن واستهدافهن ليس فقط بسبب ما دافعن عنه، بل لأنهن نساء أيضاً.
ضحت هذه النساء بحيواتهن عندما شعرن أن عليهن مسؤولية قانونية لتحسين بلدهن. لا شك أن أنباء مقتل واختطاف هؤلاء السيدات قد أرسل موجات صدمة ورعب في جميع أنحاء البلاد، فتم إسكاتهن بأبشع طريقة ممكنة. هل هناك أبشع من خسارة حياتك مقابل كلمة حق؟
أرادت هؤلاء النسوة الشجاعات قيادة قوة من أجل التغيير الوطني. جريمتهن كان ت الحلم برؤية التغيير الإيجابي لمواطني المجتمع بطريقة عادلة ومنصفة للجميع، ففضل البعض ممن لا يملك في أجندته مكاناً لمصلحة الجميع إنهاء حياتهن وطمس صوتهن وأثرهن للأبد. حاربن الناشطات البارزات ضد الانتهاكات التي ترتكبها مجموعات معينة وعملن بلا كلل لتحدي الانتهاكات ضد المرأة ومحاربة الفساد في ليبيا، وآمنّ بقوة بحقنا أجمعين بفرصة لحرية التعبير واعتناق آراء شاملة تصب في مصلحة جميع الليبيين. كن نساء واثقات، ولسن فقط مناضلات طموحات ومصممات من أجل مستقبل أكثر إشراقًا، لكن أيضًا بنات وزوجات وأمهات. فكما نعلم تحمل المرأة الليبية العديد من الألقاب في مجتمعنا الغني.
1. حنان البرعصي
عرفت حنان البرعصي بإعطائها صوتًا لضحايا العنف من الإناث في مقاطع الفيديو التي بثتها على وسائل التواصل الاجتماعي. محامية بالمهنة كان لديها دافع داخلي للتغيير والعدالة والإنصاف في جميع أنحاء البلاد. كما أدارت منظمة محلية للدفاع عن حقوق المرأة في بنغازي. رغم المخاطر التي واجهتها، تحدثت البرعصي بلا خوف ضد انتهاكات حقوق الإنسان، وحاربت ضد الفساد والاحتيال المالي وكانت صوتًا مؤثرًا لحقوق المرأة في ليبيا، وكرست جهودها لحقوق الإنسان والتحدث علناً في قضايا الآخرين.
اغتيلت البرعصي بعد دقائق من انتقادها لتصرفات جماعة مسلحة معينة تحاول الاستيلاء على السلطة في البلاد على مواقع التواصل الاجتماعي. في حين أن البرعصي ليست الناشطة الأولى في ليبيا التي دفعت حياتها لمواجهة الظلم، ففي تموز/يوليو 2019، اختطفت إحدى المليشيات النائبة الليبية سهام سرقيوة بعد أن أعربت عن رأيها في الجيش الوطني الليبي ولم تظهر مجدداً منذ ذلك الحين.
2. سهام سرقيوة
سهام سرقيوة عضو مجلس النواب بالمنطقة الجنوبية وحاصلة على درجة الدكتوراة في علم النفس، حصلت على شهادتها في علم النفس من لندن. عُرفت بكونها مدافعة بارزة عن حقوق المرأة وكانت تساعد بانتظام في أعمال ومبادرات الدعم في جميع أنحاء البلاد. اشتهرت بالتعبير الصريح والعلني عن آرائها بالقضايا التي اقتضت المعالجة.
اختطفت جماعة مسلحة في بنغازي سرقيوة، بعد إدانتها للهجوم الذي شنته جماعة مسلحة على طرابلس، ولم يتم العثور عليها منذ ذلك الحين.
3. سلوى بوقعيقيص
ناشطة سياسية ومحامية وحقو قية، كانت منتقدة صريحة للعديد من الجماعات المسلحة والشؤون التمييزية التي تحدث في ليبيا. غالبًا ما كانت حاضرة في الشارع للتظاهر ضد ما تعتبره غير قانوني وغير عادل لليبيا. قبل وفاتها بقليل، انخرطت بوقعيقيص بشكل مكثف في إقامة حوار وطني لتقييم العديد من القضايا الليبية.
عُرف عنها التحدث بصراحة وانفتاح عن المخاطر التي تشكلها مجموعات معينة حاولت الوصول إلى السلطة، والإخفاقات التي كانت تتجه نحوها البلاد. آمنت بوقعيقيص بشدة بضرورة حكم القانون في البلاد، فقبل مقتلها كانت قد عادت من التصويت وظهرت في مقابلة تلفزيونية مباشرة من منزلها تحث الجميع على الخروج للتصويت، بعد ذلك بوقت قصير اغتالتها مجموعة من المسلحين.
4. فريحة البركاوي
كانت فريحة البركاوي معلّمة إلى جانب كونها صوتًا بارزًا في الدولة من خلال انتخابها لتكون نائبة في البرلمان في مدينة درنة. عُرفت البركاوي بصوتها العالي ضد تصاعد التطرف داخل المنطقة وكانت مصممة على عدم ترك مدينتها للانحدار نحو الانهيار. حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وشاركت في تأسيس الاتحاد النسائي في درنة، وعضو في الهلال الأحمر الليبي والحركة الكشفية العامة.
أطلقت مجموعة مسلحة النار على البركاوي وقتلتها في وضح النهار.
5. انتصار الحصائري
شاركت انتصار الحصائري
في تأسيس منظمة حركة تنوير، وهي مجموعة غير سياسية تدافع عن بناء السلام والتوعية بالتراث في ليبيا. وكثيراً ما شاركت الحصائري في مظاهرات للمطالبة بدولة ديمقراطية وتطبيق حكم القانون. كانت تتحدث بصوت عالٍ حول آرائها عن الإسلاميين والميليشيات التي تظهر وجودًا في أنحاء البلاد، ومدافعة شرسة عن حقوق الإنسان.
قُتلت الحصائري بالرصاص في طرابلس، لتُضاف إلى قائمة النساء المقتولات في ليبيا لمجرد دعوتهن إلى العدالة والنظام. إن مستقبل ليبيا ليس له مكان للأيديولوجيات والتهديدات والعنف المدمّر نتيجة الذي يخلق المزيد من عدم الاستقرار والكراهية!
السيدات المذكورة أعلاه ما هي إلا أمثلة قليلة على النساء الرائعات اللواتي يظهرن شجاعتهن بالتعبير عن رؤيتهن لمستقبل أكثر استقرارًا. هؤلاء النسوة هن أمثلة نتطلع إليها ونحتفي بها في مجتمعنا. نكرمهن لكونهن مثالاً للأصوات غير المهادنة والأصيلة والملتزمة بالقانون ممن دافعن بشكل سلمي من أجل التغيير الحاسم والفوري الذي يمكن رؤيته ولمسه من قبل الجميع في ليبيا.
لطالما كانت المرأة الليبية في طليعة الدعوة إلى السلام في ليبيا وعملت بلا نهاية بهدف تشكيل بلاداً مستقرة وقوية من خلال إنجازاتهن المتنوعة وإسهاماتهن الملهمة في جهود بناء السلام من أجل إرساء ليبيا نحو مستقبل سلمي وديمقراطي.
في خضم سعينا الجمعي الحثيث من أجل ليبيا أكثر أمنًا، نستحضر. النساء القويات اللواتي عشن قضية بلدهن، ودفعن ثمن دعوتهن للمحاسبة والتغيير. لقد آمنّ برسالتهن وكرسن وقتهنّ للتغيير الذي نأمل أن نراه يومًا ما.