ثقافة
18.06.24

النفط في ليبيا: هل استفادت البلاد بالطريقة الصحيحة؟

أتذكر دائما تلك النكته التي يحكى فيها أن مواطن ليبي التقى بأنجليزي وبدأ كل منهم في مقارنة بلده بالاخرى وعندما هزم الليبي في كل المقارنات رفع كرته الأخير و قال متفاخرا( أهم حاجة ما عندكمش نفط).

تُعدّ ليبيا واحدة من أغنى الدول بالنفط في العالم، حيث تمتلك احتياطات نفطية تُقدّر بحوالي 48 مليار برميل، وهي الأكبر في أفريقيا والخامسة عالميًا. منذ اكتشاف النفط في أواخر الخمسينيات، شكّل النفط مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الوطنية والتنمية الاقتصادية. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل استفادت ليبيا من ثروتها النفطية بالطريقة الصحيحة؟

المكاسب الاقتصادية والتنموية

منذ اكتشاف النفط، شهدت ليبيا طفرة اقتصادية كبيرة. أدى تدفق الإيرادات النفطية إلى تحسين البنية التحتية الوطنية، من خلال بناء الطرق والمستشفيات والمدارس. كما ساهم النفط في رفع مستوى المعيشة وتحقيق نمو اقتصادي سريع في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.أتذكر حديثا مع عمي ووالدي ذكرا فيه أن افضل سنوات حياتهم كانت ما بين عامي 1965  إلى 1974. سنوات إكتشاف البترول و إعمار الدولة من طرق ومباني و مدن رياضية وأسواق و جامعات.

سوء الإدارة والفساد

رغم الفوائد الاقتصادية المباشرة، عانت ليبيا من سوء إدارة مواردها النفطية. الفساد وسوء الإدارة في العقود الأخيرة أعاقا تحقيق تنمية مستدامة. تحولت الإيرادات النفطية في بعض الأحيان إلى جيوب النخب السياسية بدلاً من استخدامها في التنمية الشاملة للبلاد. هذا أدى إلى تفاوت اقتصادي واجتماعي كبير بين مختلف مناطق البلاد.

ولكن حتى العاصمة طرابلس التي ترى باقي المدن أنها نالت حصة الأسد من التنمية لا تتوفر فيها ابسط سبل الحياة في بعض مناطقها من مياه وكهرباء وبنية تحتية، لا قطار ولا ميترو للانفاق ولا حتى حافلات للبلدية بمحطات و توقيت معروف، أتذكر هنا كلمات الراحل الشيخ زايد عندما قال ( نحن لسنا أفضل دولة في إنتاج النفط ولكننا أفضل من يستعمله) فبغض النظر عن سياسات الإمارات التي تتفق معها او تختلف ولكن لا يستطيع أحد أن ينكر أنهم استطاعو وبكل جداره بناء اقتصاد بديل يغنيهم عن النفط بشكل كامل.

الأزمات السياسية والصراعات

شهدت ليبيا بعد ثورة 2011 اضطرابات سياسية وصراعات داخلية، مما أثر سلبًا على صناعة النفط. تعطلت عمليات الإنتاج والتصدير، وتضررت البنية التحتية النفطية بسبب النزاعات المسلحة. كما تسببت هذه الاضطرابات في تراجع الاستثمارات الأجنبية وهروب الشركات العاملة في مجال النفط.

ولكن حتى في مراحل السلم الاجتماعي وتدفق البترول و الغاز في الأنابيب المعدنية بإتجاه أوروبا لتضئ مصابيح بيوت جون و كلاديو يقبع هنا نورالدين في ظلام دامس يستمر لساعات بسبب إنقطاع التيار الكهربائي.

الفرص المستقبلية

بالرغم من التحديات الكبيرة، تمتلك ليبيا فرصة لإعادة بناء اقتصادها والاستفادة المثلى من مواردها النفطية. يجب التركيز على:

• تحقيق الاستقرار السياسي: يعتبر تحقيق السلام والاستقرار السياسي الخطوة الأولى والأساسية لتحقيق التنمية المستدامة.

• إصلاح القطاع النفطي: يتطلب الأمر إصلاحًا شاملًا لقطاع النفط، بما في ذلك تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.

• تنويع الاقتصاد: ينبغي على ليبيا تنويع اقتصادها لتقليل الاعتماد على النفط، من خلال تطوير قطاعات أخرى مثل الزراعة والسياحة والصناعة.

• التنمية البشرية: الاستثمار في التعليم والتدريب لتطوير مهارات الشباب الليبي، وبالتالي تمكينهم من المشاركة الفعالة في بناء اقتصاد البلاد.

الخلاصة

رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها وتواجهها ليبيا، إلا أن لديها إمكانات هائلة للاستفادة من مواردها النفطية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. يتطلب الأمر إرادة سياسية قوية وإصلاحات جذرية لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الثروة الوطنية، بما يعود بالنفع على جميع أفراد الشعب الليبي.

مقالات ذات صلة