ثقافة
26.09.24

كيف (ولماذا) تفسد السلطة الناس

لطالما سمعنا المقولة الشهيرة: "السلطة تفسد"، وأيضًا النسخة الأطول منها: "السلطة المطلقة تفسد فسادًا مطلقًا". غالبًا ما نربط بين السلطة والفساد، ونقصد بذلك الذين يستغلون سلطاتهم لقمع الآخرين، ويستحوذون على نصيب أكبر مما يستحقون من الموارد، ويسعون بشغف متزايد للسيطرة والمزيد من النفوذ.

في عالم مليء بالديكتاتوريين والقادة "الطغاة"، من السهل أن نرى الضرر الذي يمكن أن يلحقه القائد المستبد والمتحكم. ومع ذلك، بمجرد الحصول على السلطة، يمكن لأي شخص أن يتأثر ويتحول لشخص منخرط في الفساد والسلوك السيئ. فما سبب ارتباط السلطة بالفساد؟

مع السلطة تأتي الامتيازات 

يملك الأشخاص الأقوياء موارد وفيرة يمكن استخدامها لصالحهم. وهذا يمنحهم القدرة على تحقيق أو تجربة أشياء لا يستطيع الأشخاص الأقل نفوذًا الوصول إليها. يحصلون على معاملة خاصة. كما يمكن أن يؤدي هذا إلى الفساد لأن الأشخاص الأقوياء يمكنهم "الخروج من المشاكل" بسهولة. ففي نظام العدالة القائم على طبقتين، يستطيع الأفراد الأقوياء توظيف أفضل المحامين، والخروج من المشاكل ماليًا، واستخدام المال لحل المشكلات وإخفائها. 

  

يمكن للأشخاص الأقوياء أيضًا التهديد والترهيب باستخدام عبارات مثل "ألا تعرف من أنا؟". وغالبًا ما يتراجع الأشخاص الأقل قوة عند مواجهتهم. أو قد يصطفون مع الشخص القوي للاستفادة من قربهم منه، ويصبحون هم أنفسهم أقوياء وربما فاسدين. 

  

 السلطة قد تغيّر تصورات الأشخاص عن أنفسهم 

  

يمكن للأفراد الأقوياء أن يمارسوا ما يسمى "استثناء الذات"، أي الاعتقاد بأن القوانين والأنظمة التي تنطبق على الآخرين لا تنطبق عليهم. هذا السلوك قد يكون مصدرًا سهلاً للفساد. كما تشير الدراسات إلى أنه كلما زاد نفوذ الشخص، زاد تركيزه على رغباته الأنانية، وقلّت قدرته على رؤية وجهات نظر الآخرين. هذه مشكلة كبيرة خاصة بالنسبة للأشخاص في مناصب السلطة الذين قد يستغلون الأشخاص الذين يعملون تحت قيادتهم. 

  

 استخدام السلطة للخير 

  

هل يجب أن تكون السلطة لدى الأفراد أو القادة دائمًا قوة فاسدة تؤدي إلى السلوك السيئ؟ بالطبع لا. هناك طريقة للتمييز بين السلطة التي تفسد والسلطة المستخدمة لأغراض إيجابية، وهي الفرق بين ما يسميه الباحثون في القيادة "السلطة الشخصية" و"السلطة الاجتماعية". السلطة الشخصية تُستخدم لتحقيق مكاسب شخصية، بينما تُستخدم السلطة الاجتماعية لخدمة الآخرين. 

  

أفضل علاج للسلطة والفساد هو التواضع. من المهم أن يتمتع القادة والأشخاص ذوو السلطة بالتواضع لتقييم سلوكهم بشكل موضوعي. يجب أن يدركوا أن السلطة مُنحت لهم، وأنها قد تكون مؤقتة، وأنه من واجب الأشخاص المقربين من القائد – الدائرة المقربة – أن يعكسوا له تصرفاته وأن يحاسبوه. 

  

يجب على الأشخاص الأقوياء والقادة أن يدركوا أن مسؤوليتهم تكمن في استخدام هذه السلطة بحكمة ولخدمة الآخرين، وليس استغلالها أو استخدامها لتبرير سلوك غير قانوني أو غير أخلاقي يضر بالآخرين. وأن يتذكروا دائماََ أن الله عز وجل يراهم ويحسابهم على أفعالهم في الدنيا قبل الآخرة. 

مقالات ذات صلة