بات لزاماً علينا في عام 2021 أن نحتكم قانونياً إلى قوانين يعقبها عقاب وعدل واسترداد حقوق.
في عصر أصبحت الشخصيات الافتراضية والبريد الالكتروني والتعاملات البنكية والتواصل الاجتماعي والحياة جميعها على الإنترنت وعلى أجهزة المحمول وأجهزة لوحية ومليارات الهواتف النقالة والتطبيقات.
نتج عن هذا التطور الأسي، مشاكل وصلت لجريمة إلكترونية، وتهاون خدمات ونصب واحتيال وانتحال شخصيات ومئات الجرائم التي لم تجد من يقنّنها.
هذا التطور في نوعية المشاكل والجرائم والاحتياج لعقوبات أوجد لنا ما يعرف بقوانين المعاملات الإلكترونية أو القوانين الإلكترونية. ونتج عنها اتفاقيات ولوائح إجرائية وسياسات خصوصية وسياسات تعامل.
وهي ما ينظم جميع التعاملات على الأجهزة الإلكترونية المتصلة وغير المتصلة بالإنترنت. ولكن ما يهمنا فيه هو المتصل بالإنترنت أو المتصل بغيره من الأجهزة، حيث أن المخاطر تحدث عند وجود سوء فهم أو سوء استخدام بين البشر وال مستخدمين بين بعضهم البعض.
بناءً على هذا الأساس أصبحت الحكومات والبرلمانات في العالم بأسره تركض وتسابق التقنية والزمن ورتابة القوانين القديمة وبطء القضاء والهيئات التشريعية في تأسيس قوانين للجرائم الإلكترونية والبصمة الإلكترونية والهوية الرقمية والهوية الصحية والمدفوعات الإلكترونية والتعامل على الشبكة العنكبوتية وحماية المستهلك "المستخدم" وسياسات الخصوصية والسرية ولوائح أمن المعلومات وغيرها الكثير والكثير.
ولكل من هذه القوانين تفصيل وآراء ووجهات نظر، لكن ما يؤرق القانونيين ووكلاء النيابات والقضاة هو تغيير التقنية واستحداث تقنيات جديدة كل دقيقة وكل ساعة وعشرات الاتفاقيات التي تعدل يومياً. مما يجعل متصيدي الثغرات ومرتكبي الجرائم أسرع حركة وأكثر قوة في إحداث أضرار مجتمعية ومالية ومخالفات قانونية.
حتى أنه في كثير من الأحيان يتحرك القضاء في كثير من الدول بروح القانون القديم وفهم مستجدات القوانين وترك مجال أكبر للاستشاريين والخبراء في جلسات الاستماع لوضع الرأي التقني الحديث.
من المؤسف أن ليبيا حتى اللحظة لا تملك أي قانون ينظّم العمل الإلكتروني، بل تكتفي فقط بلوائح تنظيمية ولوائح داخلية تصدر من ذات الجهات. وكان آخر قانون استحدث فيما يخص التقنية هو قانون الاتصالات رقم 22 لعام 2010. والذي للأسف الشديد لم تقر له لائحة تنفيذية ولم يصدر عنه لوائحه التفصيلية.
بخلاف ذلك فكل ما صدر بعده عبارة عن مقترحات مسودات واجتهادات مراكز ومنظمات وهيئات ولا يرتقي لنص القانوني القاطع المفصل.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن قانون الدفع الإلكتروني أو اللائحة الوطنية للمدفوعات الإلكترونية الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي ليست للنشر ولا تُقدّم إلا للشركات ذات العلاقة او المؤسسات التي تريد التقديم لترخيص الدفع الإلكتروني.
بالنسبة لقانون الجرائم الإلكترونية فلم يصدر حتى اللحظة ولم تُقدّم مسوداته لنقاش إطلاقاً. في حين تتسابق دول مثل الإمارات والسعودية ومصر والأردن وتونس في تأسيس هذه القوانين وتعديلها بشكل دوري فيما يصدر من تفاصيل.. أمّا في ليبيا، فإننا لا زلنا نلتزم بنصوص قانون العقوبات وتعديلاته، ونعمل في الشق التقني بروح القانون واجتهادات وتفسيرات وإسقاط القوانين السابق على الحالة الإلكترونية سواء كانت ابتزاز أو سرقة أو إكراه أو نصب أو احتيال أو انتحال أو تزوير إلخ.
كيف السبيل لوجود قوانين إلكترونية؟
في ظل عدم وجود سلطة تشريعية وغياب فاعلية السلطة التنفيذية، سنعود لأصل القوانين وهي المجتمع أو بلغة أخرى القوانين هي شرعية الشارع، شرعية المجموعات الضخمة التي اتفق على الأصل فيها والمشترك فيها وبقيت الفروع للأمور الاستثنائية.
بات وجود منظمات مجتمعية ومؤسسات محايدة وعون محلي ودولي عالمي في اقتراح القوانين والتشريعات واللوائح أمراً لازماً. حتى ما إن اتفقنا على السلطات وتوزيعها ومهامها وأسسها ومسوغاتها، وجدت ملفات القوانين جاهزة للعمل في لجان برلمانية خاصة بها، وبذلك اختصرنا مسافات طويلة وأوقات قد تصل لسنوات.
وحتى ذلك الحين تظل التوعية المجتمعية من الأفراد والشرك ات الخاصة والعامة والوزارات والبنوك والهيئات والمنظمات المدنية هي خير وسيلة لتسليط الضوء للحاجة للمنظم ومشرع ومنفذ لهذا التشريع الذي أصبح لزاماً وجوده.